المحتويات
الأندلس (Al-Ándalus بالحروف الاتينية) التسمية التي تعطى لشبه الجزيرة الأيبيرية في الفترة ما بين أعوام 711 و 1492 التي حكمها المسلمين. تختلف الأندلس عن أندلسيا (Andalucía) التي تضم حاليا ثمانية أقاليم في جنوب إسبانيا.
تأسست في البداية كإمارة في ظل الخلافة الامويه, التي بدأت بنجاح من قبل الخليفة الوليد بن عبد الملك (711-750), خلفها ملوك الطوائف, ثم وحدها المرابطون و الموحدون قبل ان تنقسم إلى ملوك طوائف مرة اخرى وزالت بصورة نهائية بدخول فرناندو الثاني ملك الأسبان مملكة غرناطة في 2 يناير 1492 .
أين تقع الأندلس
تقع الأندلس في إسبانيا، وتحديداً في أقصى الجنوب، ويحدّها من الجهة الغربيّة البرتغال، ومن الشمال كلّ من منطقتيّ كاستيلا لامانشا وإكستريمادورا الإسبانيّة ذات الحكم الذاتي، ومن الجهة الشرقيّة منطقة مورسيا، أمّا من الجهة الجنوبيّة فيحدّها إقليم جبل طارق والبحر الأبيض المتوسّط من الجهة الجنوبيّة الشرقيّة، والمحيط الأطلسي من الجهة الجنوبيّة الغربيّة، وتشغل مساحة تقدّر بحوالي 87590 كيلو متراً مربعاً.
أصل تسمية الأندلس
أُطلق الاسم العربيّ (الأندلس) على هذا الإقليم من قِبَل المسلمين الذين حكموا هذه المنطقة، وعلى شبه الجزيرة الأيبيرية بأكملها، وهي تعني “بلد الفاندال”، وفي القرن الحادي عشر، وعندما قام المسيحيّون باستعادة شبه الجزيرة الأيبيرية، أصبحت كلمة الأندلس تُطلق على المنطقة التي بقيت خاضعة وقتها لسيطرة حكم المسلمين.
إقرأ أيضا:حقائق ومعلومات عن جبال الهملاياتاريخ الأندلس
إنّ للأندلس تاريخ طويل يعود لما قبل 4000 سنة قبل الميلاد:
تاريخ الأندلس القديم
أسس فيها الفينيقيّون مستعمرة قدير الساحليّة المعروفة حاليّاً باسم (قادس)، وبحلول القرن الخامس قبل الميلاد استعمرها القرطاجيون واليونانيون، بينما أقام السكان الأيبريون الأصليّون ثقافة حضريّة غنيّة، واحتلها الرومان بقيادة سكيبيو أفريكانوس بين 210 و206 قبل الميلاد، وأصبحت تُعرف بمقاطعة بايتيكا الرومانيّة، كما ازدهرت في ظلّ الحكم الروماني، وكانت مسقط رأس الأباطرة تراجان وهادريان، والكتّاب لوكان وسينيكا. استمر الحكم الرومانيّ فيها حتّى اجتاحها الفاندال، ثمّ القوط الغربيون في القرن الخامس الميلادي. في عام 711 م.
تاريخ الأندلس الإسلامي
فتحها العرب المسلمون بقيادة طارق بن زياد حين عَبر مضيق جبل طارق من طنجة في المغرب، وأنهى حكم القوط الغربيين فيها، حيث ارتبط تاريخ الأندلس ارتباطاً وثيقاً بتاريخ ساحل شمال أفريقيا حتّى نهاية القرن الخامس عشر. أصبحت الأندلس جزء من الخلافة الأمويّة المستقلّة لقرطبة، التي أسّسها عبد الرحمن الثّالث عام 929 م. وبعد تفكّك الدولة الإسلاميّة الإسبانيّة الموحّدة في أوائل القرن الحادي عشر، تمّ تقسيم الأندلس إلى عدد من الإمارات الصغيرة، أو الطّوائف، أكبرها مالقة وإشبيلية وقرطبة. بدأت هذه الإمارات -المتنازعة فيما بينها- في السقوط في أيدي الجيوش المسيحيّة المتمركزة في ليون وقشتالة، لتعود من جديد إلى سيطرة المرابطين الذين أقاموا فيها حكم مركزي امتدّ من عام 1086 إلى 1147م، وتعدّ هذه الفترة العصر الذهبي للأندلس، بسبب ازدهارها الاقتصاديّ والثقافيّ والزراعيّ وصناعة التعدين، كما نشطت التجارة مع دول شمال إفريقيا والشام. ويعود جزء كبير من نظام الريّ المتطوّر في المنطقة إلى العصر الإسلاميّ. وفي الميادين الثقافية نشأت حضارة نابضة بالحياة في وقت كانت فيه بقية أوروبا لاتزال تخرج من العصور المظلمة، ويعدّ الفيلسوف الإسباني المسلم Averros أحد الشخصيّات الفكريّة الرائدة فيها.
إقرأ أيضا:سياحة في السعودية وادي لجبالأندلس والتقسيمات الإدارية
تتألّف الأندلس من ثماني مقاطعات، أهمّها: إشبيليّة وهي العاصمة، مالقة، قرطبة، غرناطة، قادس، ألميريا، هويلفا، وجاين. ويعود تأسيس مقاطعة الأندلس الحاليّة المتمتّعة بالحكم الذاتيّ بموجب القانون الصادر في 30 كانون الأول/ ديسمبر عام 1981. وتتألف حكومتها من مجلس تنفيذيّ، بقيادة رئيسٍ وبرلمان من مجلس واحد.
تضاريس الأندلس
يمتاز إقليم الأندلس باحتوائه على أكثر التضاريس والنباتات تنوّعاً في كلّ إسبانيا، بسبب تنوّع التضاريس المختلفة بين جبال الألب وغابات الصنوبر في المرتفعات العالية، والصحاري القاحلة، والسهول المرويّة الخصبة التي تدعم مَزارع الفاكهة شبه الاستوائيّة فيه. وتنقسم الأندلس بسلاسل جبليّة إلى عدّة مناطق، تمتدّ كلّ منها من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي، وسييرا مورينا هي في أقصى الشمال، وتَعبر الأجزاء الشماليّة من مقاطعات هويلفا وإشبيلية وقرطبة وجيان، تمثّل هذه الجبال ارتفاعاً من التلال المقفرة تتخلّلها وديان ضيّقة، وفي جنوب شرق الأندلس ترتفع الأرض بشكلٍ مفاجئ إلى سلسلة جبليّة هي Baetic Cordillera، أحد نطاقاتها سييرا نيفادا التي تحتوي على أعلى الارتفاعات في شبه الجزيرة الأيبيرية جنوب جبال البرانس. تمتد Baetic Cordillera جنوباً من مقاطعة خاين إلى غرناطة والميريا. يقع بين سييرا مورينا وBaetic Cordillera فيما يعرف (بقلب الأندلس) حوض نهر الوادي الكبير والسهول المحيطة به، ويجري هذا النهر في كافة أراضي الأندلس تقريباً، فهو يمرّ بمدينتي قرطبة وإشبيلية قبل أن يصبّ في المحيط الأطلسي غرب قادس. ويعتبر الحوض السفليّ للنهر منطقة خصبة تُعرف باسم لاكامبينيا.
إقرأ أيضا:نبذة عن معبد أبو سمبل الأثريسهوب الأندلس
تُغطّي السّهوب الأندلسيّة المنطقة القاحلة من الأراضي الوعرة في الركن الجنوبيّ الشرقيّ من الأندلس، وكذلك الكثير من مقاطعات غرناطة والمرية ومنطقة كوستا ديل سول شرق وغرب مدينة مالقة على طول ساحل البحر الأبيض المتوسّط، والتي أصبحت واحدة من أشهر مناطق الجذب السياحيّ في إسبانيا.
مناخ الأندلس
يسود مناخ البحر الأبيض المتوسط في معظم الأراضي المنخفضة في الأندلس، فالشتاء معتدل ماطر، والصّيف حار وجاف. يتراوح هطول الأمطار السنوي 2000 ملم في سييرا نيفادا وجبال جرازاليما، وإلى أقل من 200 ملم في السهول الأندلسيّة الصحراويّة. تتلقّى الأندلس الساحليّة والمنخفضة ما معدله حوالي 3000 ساعة من أشعّة الشّمس كلّ عام، مما ساعد في جذب السياح إلى المنطقة.
النشاط السكاني في الأندلس
يتكلّم سكان الأندلس اللّغة الإسبانيّة، واليورو هو العملة الرسميّة فيها وتتوزّع الغالبيّة السكانيّة في الأرياف والقُرى، وخصوصاً في منطقة لاكامبينا حيث الكثافة السكّانيّة المرتفعة، كونها أكثر المناطق الزراعيّة والأخصب في الأندلس. ويعمل غالبيتهم في الزراعة البعليّة الجافّة كزراعة البرتقال والمشمش وقصب السكر والكروم، وفي المناطق الجبليّة يزرعون أشجار الفلين، إلّا أنّ إقليم الأندلس يشتهر عالميّاً بزراعة الزيتون واستخراج الزيت، حيث ينتج فيه وحده حوالي ثلثيّ الإنتاج الإسباني، ويعدّ عمال المزارع الذين لا يملكون أرضاً في الأندلس من بين العمّال الأفقر في إسبانيا، وكانت البطالة أحد أكبر المُشكلات التي عانى منها المجتمع الأندلسيّ طوال القرن العشرين، إلّا أنّها تقلّصت إلى حدٍّ كبيرٍ في يومنا هذا. أمّا المجال الصناعيّ، فهو ضعيف مقارنةً بالزراعيّ، ولا يتعدّى التعدين واستخراج الفحم وصناعة الصابون والزيوت والنبيذ.
السياحة في الأندلس
يُعد القطاع السياحي مزدهراً في الأندلس، بسبب موقعها الجغرافيّ ومناخها الجميل، حيث تتوزّع الفنادق على طول ساحل البحر الأبيض المتوسّط، بالإضافة إلى مدن غرناطة وقرطبة وإشبيلية، بالإضافة لآثارها المميّزة التي تعود لثمانية قرون من الفتح العربيّ الذي مازال تأثيره واضحاً فيها، فمازالت اللّهجة الأندلسيّة تستعمل الكثير من الكلمات العربيّة، كما ساعدت الهندسة المعماريّة المغاربيّة الطراز في المنطقة، ورقص الفلامنكو التراثيّ، ومصارعة الثيران، في تشكيل الصّورة الشعبيّة لإسبانيا، كما يستقطب الاحتفال بالكاثوليكيّة الرومانيّة العديد من السيّاح الذين يحرصون على حضور هذا الكرنفال في كلّ عام، والذي تُشرف على تنظيمه نقابات البلديّات باعتباره موسم حج romerías. كما فيها العديد من الفنادق والمطاعم والمقاهي، ومن أبرز المعالم الساحيّة فيها:
- قصر الحمراء في غرناطة.
- آثار مدينة مالقا.
- مسجد الأندلس في مالقا.
- القصبات الأندلسيّة في مالقا.
- جنة العريف في غرناطة.
- قلعة شريش في إشبيلية.
- قنطرة قرطبة وحدائقها الغناء.
- قصر الجعفرية في سرقسطة.
- جامع قرطبة.
- كاتدرائيّة قرطبة.
- بالإضافة إلى العديد من المتاحف والقصور والقلاع.
حركة الملاحة في الأندلس
تمتلك الأندلس مطارات حديثة وضخمة، تقدم مجموعة من الرحلات من وإلى المدن الإسبانيّة والأوروبيّة الرئيسيّة، إلى جانب العديد من الوجهات حول العالم، وبسبب موقعها الاستراتيجيّ في نقطة التقاء المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسّط؛ فإنّ موانئها تعدّ محاور رئيسيّة للحركة البحريّة الدوليّة، كالجزيرة الخضراء و HuelvaوCadiz وMalaga وAlmería. كما يوجد على الساحل الأندلسيّ سبعة وثلاثين مرسى للسفن، بالإضافة إلى الموانئ النهريّة في إشبيلية.
إنّ السؤال أين تقع الأندلس يكون بالتأكيد إسبانيا هذه البقعة المدهشة بكلّ ما تمتلك من سحر، ومصدر بحث العديد من المهتمّين بأصول الحضارات والتّاريخ وجماليّات الطبيعة الخلّابة، وحتّى السياح الذين يقصدونها سنويّاً ويقدّر عددهم بالملايين، كأرضٍ سقطت من الجنّة.