اسلاميات

الصوم : شروطه أحكامه أركانه فضله سننه مبطلاته ومكروهاته

تعريف الصيام

الصيام لغة الإمساك، وشرعا الإمساك عن شَهْوتَيْ البطن والفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية العبادة. وهو الركن الرابع في الإسلام فرضه الله على المسلمين في السَّنة الثانية من الهجرة، ودليل فرضيته في القرآن الكريم قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُم ْلَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183]. وعلامة وجوبه في السنة النبوية قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا). رواه البخاري ومسلم.

شروط الصيام

تنقسم شروط الصيام إلى ثلاثة أنواع هي شروط الوجوب، وشروط الصحة، وشروط الوجوب والصحة معاً. أما شروط الوجوب فثلاثة؛ أولها البلوغ لأن الصوم لا يجب على الصبي ولو كان مراهقاً، وثانيها القدرة فلا حرج على المسلم إذا عجز عن الصوم لكبر أو مرض. وثالثها الإقامة لأن المسافر لا يصوم وله أن يفطر ويقضي. أما شروط الصحة فثلاثة أيضا؛ أولها النية المبيتة في القلب، وثانيها التمييز حيث لا يصح صيام الصبي حتى يميز مقصد العبادات ومعناها. وثالثها الزمان القابل للصوم حيث يبطل هذا الأخير في الأيام المحرمة كيوم العيد. أما شروط الوجوب والصحة معاً، فثلاثة هي الأخرى؛ أولها الإسلام لأن صوم الكافر غير مقبول. وثانيها العقل لأن القلم مرفوع عن المجنون حتى يفيق. وثالثها الطهارة من دم الحيض والنفاس لأن الصوم يحرم على الحائض والنفساء ويجب عليهما القضاء.

إقرأ أيضا:خصائص العشر الأواخر من رمضان

أركان الصيام

للصيام رُكنان أساسيان يحميان بُنيانه الروحي العظيم من الانهيار، ويحفظان مقاصده الدينية الجليلة من الزَّلَلِ. وبدون هذين الركنين معاً، لا يصح الصوم أبدا، ولا يثبت أجر الصائم. فالركن الأول هو النية أي عزم القلب على الصوم امتثالاً لأمر الله عز وجل و تقرُّباً إليه. فإن كان الصوم فرضاً وجبت النية ليلا قبل طلوع الفجر، وإن كان الصوم تطوعا صَحَّت النية ولو بعد طلوع الفجر. أما الركن الثاني للصوم فهو الإمساك، أي الكف عن الشهوات والألفاظ البذيئة والمفطرات بجميع أنواعها من أكل وشرب وجماع، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

سنن الصيام

للصيام سنن كثيرة سنها الرسول صلى الله عليه وسلم، أولها تعجيل الإفطار وتناوله مباشرة بعد تحقق غروب الشمس. وثانيها الإفطار على حبة تمر أو شربة ماء. وثالثها الدعاء عند الإفطار لأن النبي كان يقول عند فطره : (اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا، فتقبل منا إنك أنت السميع العليم) رواه أبو داود. ورابعها التمسك بالسحور لما فيه من خير وبركة. وخامسها تأخير السحور إلى الجزء الأخير من الليل لأن في ذلك مساعدة للصائم على تقليص ساعات الصيام وخفض إحساسه بالجوع والعطش خلال النهار.

فضل الصيام

للصيام أفضال كثيرة وفوائد عديدة تشجع المسلم على إتيانه، وتُهوِّن عليه ما قد يجده من عناء ومشقة في أدائه.
فبالإضافة إلى فوائده الصحية، يعد الصيام من أعظم أسباب مغفرة الذنوب. وهو جُنَّة أي وقاية وستر للعبد في الدنيا والآخرة. وهو بمثابة الماء الذي يطفئ نار الشهوة ويهذبها. وبفضله يضمن المسلم بابا لدخول الجنة لا يدخل منه إلا الصائمون. كما أنه يشفع لصاحبه يوم القيامة. وثوابه بغير حساب لقوله تعالى في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به). ومن فضائل الصيام كذلك أن الرائحة المنبعثة من فم الصائم نتيجة خلو المعدة من الطعام أطيب عند الله من ريح المسك، لأنها من آثار العبادة والطاعة.

إقرأ أيضا:آداب المسجد من الكتاب و السنة

مبطلات الصيام

اتفق أهل العلم قديما وحديثا على أن الصيام يبطل بأشياء كثيرة ومتعددة لَخَّصُوهَا في ستة أمور مهمة أولها الأكل والشرب أثناء الصيام عمداً لا سهوا ولا خطأً ولا إكراهاً، وثانيها القيء عمداً لا اضطراراً، وثالثها الجماع أي إتيان الزوج زوجته ووطؤها خلال النهار، ورابعها الاستمناء بكل أشكاله وهو إخراج المني عمدا، وخامسها الحيض والنفاس من المرأة، وسادسها النية الجازمة بالإفطار أثناء الصوم وإن لم يتبعها تطبيق عملي، لقوله صلى الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيات”

مكروهات الصيام

يُكرَه للصائم أمور كثيرة من شأنها تلويث صومه وتبخيس أجره نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر؛ المبالغة في الاستنشاق عند الوضوء لأن الماء قد يصل إلى الجوف فيفسد الصوم، والمضمضة لغير حاجة مُلِحَّةٍ كالوضوء ونحوِه والمبالغة فيها، والقُبلة لأنها قد تثير الشهوة وتؤدي إلى الجماع أثناء الصيام، وإطالة النظر بشهوة إلى الزوجة، والتفكير في الجماع وأوضاعه، ومضغ العلك المصحوب بسكر، والإكثار من النوم بالنهار، وفضول القول والعمل، والحجامة أو الفصد خشية الضعف المؤدي إلى عدم تحمل الصوم وبالتالي الإفطار.

إقرأ أيضا:أدعية وعبارات التعزية

رخصة المرض والسفر

الرخصة بالمعنى الشرعي عند علماء أصول الفقه: مقابل العزيمة. ففرض الصوم عزيمة، ورفع الحرج عن المكلف بالصوم، بالتخفيف حال المرض أو السفر: رخصة من الله؛ لقوله تعالى: ﴿فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾، والمعنى: أن من كان منكم مكلفا بالصوم، وأفطر بسبب المرض، أو بسبب السفر، فلا حرج عليه، حيث رخص الله للمريض بالإفطار حال المرض الذي يباح معه الفطر، وللمسافر حال السفر الذي يباح معه الفطر، وعلى من أفطر مترخصا بذلك؛ فعليه قضاء عدد الأيام التي أفطرها، في مرضه، أو في سفره، في أيام أخرى، أي: في وقت لاحق، وفي هذا التخفيف في الصيام، بالرخصة للمريض الذي يشق عليه المرض، والمسافر بعد حدوث السفر المبيح للفطر، فالمريض والمسافر لا يلزمهما الصوم في حال المرض وفي حال السفر؛ لما في ذلك من المشقة عليهما، بل رخص الشارع لهما بالفطر في نهار رمضان، وعليهما بعد ذلك قضاء الصوم في أيام أخر.

السابق
طريقة منع وعلاج الامساك بشكل سريع وفعال
التالي
خصائص العشر الأواخر من رمضان